Dienstag, 8. Mai 2007

العصر الذهبي للمملكة اليمنى

وافيتكم باهم الاحداث التي مررت بها في الحرب بين المملكتين اللتين تصارعتا على ارضي , ولمّحت الى انتصار المملكة  الدماغية اليمنى على اليسرى . و الان وقد اخذت المملكة اليمنى تقترف جرائم باسمي مما ادى الى  التباس الامر على العوام , كان لا بد لي من اتخاذ موقف صريح , حازم وواضح من علاقتي بهذه المملكة الدماغية اليمنى
الفرق بين نصفي الدماغ الايمن و الايسر
 
لقد كانت المملكتان تتوازنان فيما بينهما في صغري , فان كان صحيح اني كنت احب جمع الطوابع,العملات, الاحجار , الصور في صغري فانه صحيح ايضا ان تفكيري كان تسلسليا الى حد بعيد وكان تركيزي يومها في اوجه.
 
ومع اني كنت دائما احب النظام الا اني كنت فوضويا بترتيب حاجياتي . وكذلك فاني كنت اتذكر رقمي هاتف بالضبط اضافة الى رقم ثالث كنت اتأتئ فيه
 
مع الوقت اخذت المملكة اليمنى تتوسع على حساب المملكة اليسرى بالتناغم مع مطالعتي المكثفة  و بعض من كتاباتي على شتى الدفاتر التي كانت تدعم الجهود التوسعية  للمملكة اليمنى بارتقائها التدريجي في فكري من التجريد الى التجسيد
 
وعندما بدات بكتابتي المكثفة بعد خروجي الى المانيا , اخذت الافكار ترتقي على السفح التجسيدي - التجريدي كما كان الامر حاصلا في الماضي الا انه اخذ ابعادا جنونية مقارنة لما سبقها
كان افكاري في العصر الذهبي للملكة اليسرى تتوالد تسلسليا و ان كانت لا تعدم الافكار التشعبية . ووصلت اكثر من مرة الى عنق القنينة حتى خشيت اني "اصبحت الاخير زمانه"- على المستوى الشخصي- كلما توقفت الافكار عن التوالد , واذكر اني وصلت الى مرحلة كهذه في الثانوية او حتى الاعدادية
 
اخذت المملكة اليمنى تتهاوى تحت وطأة الهجمات الفوضوية للمملكة اليمنى , وبدات الحدود تزول بين جميع الاشياء الداخلية و الخارجية , لدرجة اني عندما انظر الى احجار الرصيف فاني اراها متموجة , واذا نظرت الى المشهد المتمثل امامي وانا امشي في الشارع من سيارات و دور و اناس فاني اراهم موجات سوى ان هذه الموجات تتفاوت في اللون و الطول . اما اطراف المشهد فاني اراه غائما ابيضا كأنه صورة تذكارية
 
 
وتزول الحدود كذلك بين الداخل و الخارج , فكثيرا ما يلتبس الامر علي و لا اعرف ان كانت حادثة ما قد عشتها بحياتي الواقعية ام اني قد حلمت بها في منامي او يقظتي . و حصلت  احد حالات الزوال المطلق للحدود بين الداخل و الخارج  معي وانا في قطار ببرلين , حيث كنت افكر بامر ما لا اذكره (و ربما لم اكن اعرف ما هو فاني عندما افكر كثيرا ما احس بان فكري مشغول و لكني لا اعرف باي امر بالتحديد) ناداني احد معارفي الجالسين في عربة القطار , فلما سمعت صوته شعرت انه صوت داخلي و اخذت انظر الى شتى الجهات فوق راسي و كأن الصوت من ملاك نازل من السماء ."باسل باسل باسل" قالها و ظننت للحظات ان ضميري هو من يناديني و انا ابحث عنه الى ان انتبهت من غفلتي
 
كانت الافكار تتراكم  ببطئ  الصواعد و الهوابط  الى ان يلتقيان معا في عصر المملكة اليسرى, اما في عصر المملكة اليمنى فان الروابط تتشكل بسرعة اكبر وبتلقائية اشد للغرابة حتى و كأنه يخيل لي ان الامور التي تجمعها الروابط ما هي الا امر واحد تشظّى في حرب فكرية غير عادلة او ربما في عملية فكرية استشهادية
عصبونات دماغية
 
تنطلق الافكار الى مواضعها التي كتبها فكري لها لتلتقي مع نظرائها , حالها كحال خلاي الدماغ التي تهاجر في مراحل التطور الجنيني الى اماكنها المخصصة  في  الدماغ  وتمد زوائدها العصبية منتظرة وصول  زوائد نظيراتها حتى قبل وصول النظائر الى اماكنها المعدة
 
واذا كانت هواية الحمقى من المغفلين و سواهم من المنغلقين هي البحث عن الفروق بين الرسمتين , فان هوايتي هي تقشير البطاطا و الاحجار , و الاستمرار بتقشيرهما الى ان اصل الى المشترك بينها في رحلتي هذه نحو التجريد: الذرات
 
ان الافكار في المملكة اليمنى كأنها احجار على سفح جبل شديد الانحدار ,لاعبة كل حصاة  فيها - وحتى الصغيرة  منها -دور حجر الزاوية في قصر الخورنق الذي بناه سنمار, بحيث ان تحريك اي فكرة يسبب تداعي باقي الافكار في سلاسل تداعي متشعبة او سيلا عارما من الحصى يحرك الاحجار الاسفل منه و بعدها الصخور .
 
او كأن الفكرة الاولى ما هي الا ذرة اليورانيوم الاولى في القنبلة الذرية التي يؤدي شطرها (ذرة اليورانيوم الاولى) الى شطر ذرتي يورانيوم و هكذا دواليك تنشطر ذرات اليورانيوم في متوالية هندسية على شكل انفجار نووي
ومع تداعي الافكار تتداعى الخلايا العصبية للملكة اليمنى بشتى الاتجاهات و احس ان اسوار المملكة اليمنى انهارت عن اخرها في لحظة واحدة في جميع الاتجاهات , او كأن محتويات راسي انسكبت شلالات ومزاريب من جميع الجهات
انشطار اليورانيوم في التفاعل الذري
 
تولد اول فكرة وتستمر بالتوالد مثل بيض الاسماك وتنتشر مع تيارات البحر  جاهلة باي بسائل منوي من اي ذكر ستخصب ,كثيرة منها لا تخصب و تذوي
 
ومن الافكار من يرقد تحت رمل الزمن ليفقس بعد حين بعد مغادرة امها  السلحفاة باسابيع , في عملية تدعى الاصالة
 
ومن الافكار  السلمونية (نسبة لسمك السلمون) من تندفع عكس التيار وعكس مجرى الشلالات  وتسبح الالاف الكيلومترات الى النهر فتهلك في هذه الرحلة الا اجلدها ثم تبيض الباقية وبعدها تموت
 
 
تنطلق الافكار كالرعاع من غير ضابط و لا حد في جميع الاتجاهات بعشوائية , تتفاعل هذه الافكار مع باقي الافكار  وباقي الاشياء ويتم تزاوج اسود الافكار مع ارانبها , ونسورها مع افاعيها . يتم نقل وزع  اعضاء بين هذه الافكار .
 
وعلى الثغور الفكرية -تماما كما يحصل على الثغور الجيو سياسية- (حدود الدولة الاسلامية مثلا) , بالذات هناك تحدث اضخم و اغرب حفلات تزاوج افكار على اضواء الاشعاعات التي تسبب الطفرات ,والتي (حفلات التزاوج) تلد المسوخ الفكرية و لكن ايضا الافكار الابداعية الاصيلة.
 
ولكن بما انه لا مرجعية ما على هذه الحدود فانه يتعذر احيانا التمييز بين المسوخ و الافكار الابداعية و التي كثيرا ما تتبادلان النعوت باختلاف الزمان و المكان
 
وهناك يفقد المطالع بن الكتاب السيطرة على افكاره و تتحرك افكاره على الثغور بلا مركزية مطلقة , لا بل و انها كثيرا ما تتحكم في المطالع بن الكتاب
 
 
 
 
ان الفتوحات الاسلامية لم تكن فتوحات عسكرية او سياسية بقدر ما كانت فتوحات فكرية :الانطلاق .. ثم الانطلاق .. ثم الانطلاق , ذاك الانطلاق الذي يمكن تلخيصه ب"إن الرجل إذا مات بغير مولده قيس له من مولده الى منقطع أثره في الجنه" ( عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما-قال :توفي رجل بالمدينه-فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم..
وقال ياليته مات في غير مولده" .فقال رجل من الناس لم يارسول الله قال: إن الرجل ..)

,  او مثلا"والله لو علمت أن وراءك أناسا لخضته بفرسى هذه لأفتحهم"
 
 
ان الثغور لم ينظر لها على انها ثغور يقتحم منها الاعداء بل على انها ثغور للانطلاق في الفتوحات , وحفّزت هذه الثغور المسلمين لبناء خط مدن لدعمها سمي بال"عواصم " و تم بناء خط انطلاق ثان تال للعواصم سمي "عواصم العواصم"
 
ان هذا هو الاسلام: الانطلاق .. الانطلاق ثم الانطلاق , لا التقوقع الفكري و الانسحاب من الحياة و الذات و كل شيء كما ينادي بذلك المشايخ - اعاذنا الله منهم و من الشياطين-  , فكلما سالت شيخا عن حكم مطالعة الكتب بدا يذكر لك الثغور و الحدود التي لا يجوز لك تجاوزها وفتحها و ضمها الى دار الاسلام .حتى وصل الحال بهؤلا ء المشايخ بتحريم قراءة كتاب "لا تحزن" لعائض القرني لان مؤلفه صوفي, ان حمارا من هذا النوع لا يمكنه الا الافتاء ان قراءة كتب الفيزياء و الكيمياء و شتى العلوم الاجتماعية ما هي الا الجهنم الفكرية  , متجاهلين ان الاسفار تعني الرحلات و الكتب
 
الصدفة الفكرية التي يتقوقوع فيها المسلمون بل انهم يتهدمون من الخارج المنطلق  نحو الداخل المنغلق
 

 

Keine Kommentare: