من المؤسف حقا ان اهدر طاقاتي على مشروع "فك الخيوط" من اجل منح اقرا اعضائها حق التصويت و منح كوادرها في الجامعات حق انتخاب اداراتهم الجامعية. كنت اود ان اكتب عن امور اعلى من هذه ولكن ما فائدة الكتابة عن معادلة من الدرجة الرابعة و نحن لم نتجاوز عمليات الجمع و الطرح البسيطة
يعنى المقال ادناه بموضوع من اهم المواضيع على الاطلاق من وجهة نظري. لانه يرتبط بالمطالعة, العولمة و انماط التفكير,انه الابداع!!
كثيرا ما نقرا عنه وكثيرا ما يتبجح اكثر الناس تعصبا انه من المبدعين و كثيرا ما نقرا عن صفات المبدع و لكننا ادناه سوف نحلّل روح الابداع
شجرة الابداع-
ما العلاقة بين: المطالعة و الابداع؟
وبين التفكير التجميعي و التحليلي؟
1-لدى المبدع و الشيخ (المقلد ) 5 سلال من سلال الذاكرة لكل منهما
2- اعطينا المبدع 10 معلومات :فاكهة , ماء,رمل, زجاج,مرناة ,ناظور ,سمكة,حصان,مريخ , طابة تنس . وطلبنا منه وضعها بسلال ذاكرته
اعطينا الشيخ 5 تفاحات حمراوات وطلبنا منه ملاها بالسلال
3- سيقوم المبدع مضطرا بوضع الاشياء بازواج بالسلال(الفاكهة مع الماء لانهما غذاء,الرمل مع الزجاج لان الثاني يصنع من الاول,المرناة مع الناظور لاننا نرى بهما ما هو بعيد,و السمكة مع الحصان لانهما كائنات حية , المريخ مع الطابة لانهما كرويين .
اما الشيخ فان لديه معلومات اقل (فهو قد يقرا عشرات و مئات الكتب الا انها بمجال و احد ناهيك عن كونها مستنسخة عن بعضه البعض) فلذا لن يكون مضطرا لايجاد العلاقات بينهما بل انه ياخذ بالبحث عن الفروق الصغيرة بالتفاح لتوزيعها بالسلال "توزيعا عادلا" من غير مراكمتها بسلة واحدة
يميل المرء الى ادراك الموضوعات كاشياء مكتملة او منتهية او ككل او كوحدة كلية حتى لو تخللتها بعض الثغرات وعندها نحاول سد هذه الثغرات بخيالنا(قانون الاغلاق closure)
فاننا مثلا نرى في الصورة اعلاه قطا و دائرة مع ان الصورتين ليستا هذا و لا ذاك بل بقع و خطوط لا تكتمل الى "القططية"و الدائرية .وربما هذا تعبير عن سعي العقل للتعامل بشكل اكثر نجاعة مع فيضان المعلومات الذي يواجهه . فمثلا لو مثّلنا لحاسوبك بالعقل, فانه ان كنت تملك صورا قليلة فانك سوف تضعها في ملف واحد و لكن ان كانت لديك صور كثيرة و متنوعة فانك عندها ستسعى الى ترتيبها في ملفات منفصلة
4- عند بحث المطالع عن العلاقات فانه يضطر لتقشير القوالب الظرفية التي تحيط بالاشياء , وكلما زادت الفوارق بين الاشياء اثمر سعي المبدع لايجاد العلاقات بين المختلفات ثمرات اكثر تجريدا (لانه سيضطر لتقشير قشور ظرفية اكثر )وبهذا يرتقي تفكيره باتجاه التجريد مع انه انطلق من مواد مجسّدة(مادية ملموسة). اما الشيخ فان نقطة بدايته كانت ايضا مجسّدة مثل المبدع ولكن بسبب قلة معلوماته فانه ينحط بتفكيره الى مستوى التجسيد المتطرف. ما هو التجسيد المتطرف و اعراضه؟ لا اعرف الى الان و يجب الاستمرار بالبحث ولكن يمكننا القول ان سعي الشيخ الدؤوب للبحث عن الفوارق يلقي بظلاله على نظرته للحياة و يسعى عندها لايجاد الفروق بين الاحزاب الاسلامية و تقسيمها بدلا من المبدع الذي يبحث عن المشترك و يسعى لتوحيدها.
باختصار تخيل المبدع و الشيخ نملتين على فرع على شجرة الافكار , المبدع يسير باتجاه الفروع( الاكبر الى الاسفل) ومع كل خطوة يزداد تجريده ويصل بذا الى الجذور, اما الشيخ فانه يسير الى الاعلى باتجاه الاغصان و الاوراق ويزداد تجسيده ,فان عرضت عليه فكرة مجردة قام بتجسيدها , وكثير من الاسلاميين احاول نقاش افكارهم فيقولون لي "ولكننا لم نتعرف عليك الى الان! نتعرف وبعدها نتناقش"ولذا فانه لا يناقش الافكار بل الاشخاص
يقوم المبدع بايجاد الروابط بين الاشخاص و يرتقي من التعامل مع الاشخاص الى التعامل مع الافكار التي يمثلها الاشخاص
وقال الصينيون"العقول الصغيرة تنشغل بالاشخاص, والعقول المتوسطة بالاحداث , والكبيرة بالافكار"
اطوار التفكير-
1-الشفاهية الاولية (لم تمسها كتابية ابدا) - معلومات اكثر من الطاقة الاستيعابية للذاكرة لذا: لا تحليل بل تجميع بعناقيد
2- الكتابية الاولية (لم تتحرر من الارث الشفاهي بما فيه الكفاية, مثل المشايخ) - معلومات اكثر من الذاكرة الاستيعابية للذاكرة و لكن يتم التعويض عن النقص بالاستعانة بالكتابية الاولية فتكون المعلومات اقل بكثير من الذاكرة الاستيعابية الورقية (ذاكرة الورق او المقالات), لذا يكون مجال التحليل اوسع و لكن لا تجميع لان 1) الورق يقوم بمهمة الحفظ 2)مجالات اهتمام المشايخ محدودة للغاية.لذا تكون التحليلية هنا باوجها .اي ان الشيخ يعاني من نزيف فكري داخلي(الانغماس بموضوع محدد)
3- الكتابية الثانوية (الانغماس الاعمق بالكتابية) - طوفان من المعلومات لذا لا وقت للتحليل بل التجميع وهي قمة الابداع
4- الشفاهية الثانوية (مرناة , هاتف , افلام) - ؟!؟! للبحث
يتكلم المبدع و كأنه يكتب, اما الشيخ فيكتب و كأنه يتكلم
يشار الى ان المبدع المفرد يمر بالاطوار ال3 الاولى (على الاقل), اي ان كل مبدع كان يوما تحليليا ولكن ربما كان تحليليا باكثر من مجال
ولتوضيح النقطة المركزية "ثنائية التحليل - التجميع" نسوق المثال الاتي:
- تم سجن توامين متعادلين في القدرات في زنزانتين منفصلتين لمدة عام.
- ترك السجّان لدى الاول مكتبة عملاقة متنوعة المجالات و لدى الاخر كتابا يتيما, بالاضافة الى اقلام واوراق للكتابة
- في نهاية فترة السجن سنجد ان الاول قام بقراءة كتب متنوعة وحاول تلخيصها , اما الثاني فسنجد انه اخذ يصف الكتاب اليتيم بدقة , من وصف لافكاره و حتى جلدته وووو, واخذ يشرح عنه و يتوسع في تفصيلاته المملة
المبدع على مر العصور
ربما كان على المرء اسهل في الماضي ان يكون مبدعا لان الاغصان العلمية في الماضي كانت اقل وكان بالتالي من الاسهل على المرء ان يكون من رجال العنقود(الذين يجمعون بين عدة علوم مثل الزهراوي و ابن سينا). ولكن في هذا العصر فان من الصعب على المرء ان يلم بموضوع واحد بل بجزء من موضوع فترى التخصصات و التخصصات داخل التخصصات,ناهيك عن الالمام بعدة مواضيع.ولكن من ناحية اخرى فانه من الاسهل اليوم على المبدع الحصول على المعلومات من شتى انحاء العالم و خلال ثوان بواسط الشبكوت فان الباحث القديم كان عليه السفر اشهرا للاطلاع على كتاب (على فرض انه دري بوجوده) ومن ثم نسخه(تخيل انت ان تنسخ كتابا..) او شراؤه بسعر باهظ
تجربة -
1) نعطي المبحوث الاول 20 صورة تحتوي على:5 صور ل:حيوانات ,مواد غذائية, حجارة, اشكال هندسية . و نعطي المبحوث الثاني: صورتين تتشبهان سوى بتفاصيل صغيرة
2) نطلب منهما مراجعة الصور لمدة 60 ثانية
3) نسالهما ما شاهدا
4) يقول الاول انه شاهد كذا و كذا و يعدد ما شاهد من غير ترتيب بمجموعات. نساله نفس السؤال بعد 24 ساعة , فاغلب الظن انه سيرتبهما
اما الثاني فانه سوف يصف الصورتين و ينتبه للتفاصيل الدقيقة لانه لم يكن عدد الصور كبيرا كالاول
باختصار:
ان كان العقل الة الابداع فان المطالعة هي وقود هذه الالة
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen