وقف التاريخ بوّابا على عتبة القرن الحادي و العشرين.فجاءت اقوام تبغيالعبور.فسال التاريخ الامريكان: والى اين كانت رحلتكم ؟ فقالوا: لقد رحلناالى 70% من دول العالم واستقر جيشنا هناك,رحلنا الى المريخ , والى الماضي السحيق فصورنا الضوء الاحفوري الذي انطلق لحظة الانفجار العظيم ,فسمح لهم التاريخ بتجاوز العتبة
ثم جاء الالمان فطرح عليهم نفس السؤال.فقالوا:لقد رحلنا الى النفسالبشرية و استكشفنا مغاليق اسرارها وما تركنا من بقعة على وجه البسيطةاو بمحيطاتها الى و استكشفناها ,فاذن لهم
ثم جاء الانجليز فقالوا لقد رحلنا الى حنايا المخ البشري فاستكشفنا جزرهالنائية,صعدنا تلاله و بتنا في شقوقه ,فسمح لهم
ثم جاء اليابانيون فقالوا لقد رحلنا الى حدود الطموح و الابداع البشري فؤذنلهم
ثم قال الفرنسيون نحن رحلنا الى خارطة الكتب و طالعنا شعابها وارتحلنا الىالمستقبل بقصصنا العلمية الخيالية ,فؤذن لهم
ثم جاء دور المسلمين ,فسالهم نفس ما سال الاوائل فقالوا: نحن نعيش في الماضي ,في ارض ما فيها غير قطرة وضوء و بضعة اظافر وبعوضةولحية .فسال التاريخ: من يقوم على شانكم؟ من يطعمكم ؟ من يلبسكم؟. فقال المسلمون : باقي الامم . فرد التاريخ : باقي الامم خير منكم , اذهبواخاسئين الى القرن ال15
ان اول رحلة قام بها الانسان كانت من جنة لا يجوع فيها و لا يعرى الى الارض ما كانت الا بذرة النمو الحضاري , فانه ان كان الله يقوم مباشرة على رعاية ادم عليه السلام و زوجه في الجنه,فانه اصبح يتوجب على ادم في الارض ان يتعلم الاسماء والحرفة . اي ان الرحلة تستوجب تغييرات حضارية ليستطيع الانسان مجاراة الحياة و بناء الحضارة
ويفترض الكثيرون ان الانسان الاول عاش بافريقيا ومنها انطلق الى باقي انحاء العالم مرتحلا, وكلما توغل اكثر زادت التحديات مثل:
البرد ,الجوع ,الوحوش الضارية, تجاوز البحار و الانهار,وزادت الحلول التيابتكرها الانسان لمواجهتها ,وهكذا كانت الخبرات الحياتية لدى الانسانتزداد تراكميا كلما ارتحل وزاد ارتحالا ,الى ان استقر لاول مرة واخذ يعتاشعلى الزراعة و تربية الحيوانات و ترويضها وعندها بدات الحضارات الاولىتتشكل , ولكن حتى عندها فان هذه الحضارات نشات على الطرق التجاريةو على شواطئ البحار للتواصل مع باقي العالم بالرحلات التجارية التي كانتتجلب معها الجديد و الغريب من الحضارات الاخرى مما اتاح للمعارف بالانتشار و للشعوب بالتواصل والتفاعل,وكأنهم يعوضون انفسهم عن استقرارهم بالمكان.
وحيثما امتدت الصحارى و الحواجز الجغرافية من جبال توقف التفاعل الحضاري
تتبع رحلات الانسان القديم حسب التغييرات بالمادة الوراثيةواحدى نظريات سبب خلف افريقيا هي الوفرة التي لا تدفع عقلا او ساعدا للعمل
ولم يتخلف المسلمون وحتى العرب قبل الاسلام عن ركب القافلة ,فانهم كانوايسافرون رحلة الشتاء و الصيف كما ورد بالقران الكريم, و على اليابسة كانالبدو العرب من الرحالة وكان البكاء على الاطلال من ديباجة قصائدهم ,ووصل التجار البحارة المسلمون من الفرس و اليمنيون الى الهند و الصين و افريقيا,وقرات يوما ان البحارة اليمنيين هم من سموا انجلترا بهذا الاسم , كما سمى الاتراك "النمسا " بهذا الاسم (" نام سه " تعنيسكنت المدافع بالتركية) وانتشر الاسلام الى الصين و اندونيسيا و شرق اسيا عن طريق التجار ,وحدثني صديقي الاندونيسي "طوفان" ان هناك طائفةمن العرب لا تزال تعيش في اندونيسيا من ذلك اليوم ,منهم تكون الائمة ولا يتزاوجون الا من بينهم لحفظ هويتهم العربية ويتكلمون العربية . وكانتطبقة التجار بمثابة المحرك الاقتصادي العالمي للدولة الاسلامية و العالمككل ,الى درجة انهم انشؤوا جاليات مستقلة في الدول التي تاجروا معها مثلالهند و الصين ,لم تخضع للحكم المحلي الا بقضايا النفي او القتل ,وما عداهافكانت تسوي شؤونها فيما بينها
وقال المؤرخ "بورستين" لو ان العرب اظهروا البراعة البحرية في البحر المتوسط وغزوا اوروبا من البحر لكانت اوروبا اليوم تدين بالاسلامقد بدات موجة الرحلات الاسلامية مع الفتوحات الاسلامية ووصلت اوجها فيما بين القرن 3-9 هجري ما بين رحلات استكشافية و رحلات تجارية ,وحج وعمرة ,وسفر بهدف التعلم ,وكانت هذه الفترة الزمنية ذاتها هي ذروة عز الدولة الاسلامية ,فلما آلت الدولة الى التداعي بالقرن ال 11 هجري اذا بالرحلات تقل ,الامر الذي يجعل الرحلات بمثابة مقياس(باروميتر)للمرحلة الحضارية التي تتواجد بها الدولة.ووقتها كان نظام الزوايا و التكايا و الربط (جمع رباط) هو الذي يسهل رحلة الرحالة في بلاد الاسلام للحجو العمرة و التجارة و العلم وسواها
ابن بطوطة1304 - 1378
ابن المقدسي - مؤسس علم الاثنوغرافيا (وصف احوال الامم و عاداتها ,بيئتها و عمرانها) 335ه-390 ه
البيروني 362-449 ه 973- 1048 م
المسعودي م907 (الم بالسنسكريتية ,اليونانية ,الفارسية اضافة للعربية ,واخذ باجراء المقارنات بين الشعوب صاحبة هذه اللغات
ياقوت الحموي 1229م
اما الادريسي 493 - 560 ه الرحالة و الجغرافي مؤلف "نزهة العشاقفي اختراق الافاق" فقد صنع اول نموذج كروي للكرة الارضية واهداه لملكصقلية
(لاحظوا ان الرحلات تركزت في ال عصور الزاهرة للدولة الاسلامية)
واستمرت الرحلات الاسلامية حتى القرن ال 11 ه ,مع بعض الاستثناءات
خارطة الادريسي للعالم ( لاحظ ان مواطن العرب من الاعلى !)
فمن اين للعرب هذه الدافعية للرحلات؟
الم يكونوا يحنوا لوطنهم؟ بل البكاء على الاطلال رمز من رموز الشعر العربي حتى على مستوى الانتقال من مضرب خيام الى اخرالم يخافوا من المجهول؟ بلى , اولى نذكر وصف عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب للبحّارة بانهممثل دودة على عودة(السفينة) يتقاذفهم البحر انى شاء؟!
اوليس من اداب السفر اداء الامانات و الديونالى اهلها في اشارة ضمنية الى ما قد يطرؤ على السفر من عقبات تحول دون عودة المسافر الى اهله؟وهل كان يضمن الغازي المسلم رجوعه للوطن؟
اذا كان العرب يحنون و يخافون وهذه مشاعر انسانية ,ولكنهم كانوا ايضا طموحين منطلقين .
ان الرحلة الجغرافية لا تبدا الا اذا سبقتها رحلة فكرية بالعقل لاكتشاف الاخر , فاحد اسباب تاخر البعثات الاستكشافية الاوروبية هي اعتقادها بان الاخر القابع شرقا ليسوا سوى مخلوقات متوحشة لا يرتجى من معاشرها فائده
لقد اسس الاسلام لهذه الرحلات في القران و السنه:
"سيحوا في الارض"
"قد خلت من قبلكم امم فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين"
"وجعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا"
"اولم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا اشد منهم قوة واثارواالارض وعمروها وجائتهم رسلهم بالبينات"
"ربكم الذي يزجي بكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله انه كان بكم رحيما"
"وله الجوار في البحر كالاعلام"
"سيروا في الارض فانظروا كيف بدا الخلق"
"هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها و كلوا من رزقه"
"وايه لهم انا حملنا لهم ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون"
"وله المنشئات في البحر كالاعلام فباي الاء ربكما تكذبان"
"وقف الرسول على قبر احد اهل المدينة ممن ماتوا فيها فقال ما معناه:يا ليته مات في غيرها,قيل :لم يا رسول الله ,والمدينه لها من الفضل ما لا يعلمه الا الله؟ .فقال الرسول ما معناه: لان ابن ادم اذا مات مد له في الجنة من مسقط راسه الى منقطع اثره"
"اطلب العلم ولو في الصين" بمعنى حديث شريف
من اداب السفر رد المظالم و الديون واعداد النفقة لمن تجب عليه نفقتهم
لم يخش المسلمون ان يفتنوا بدينهم بسبب التجارة او الفتوحات بل استطاعوا بسعة فكرهم احتواء الشعوب التي فتحوها , فقد كانت نسبتهم وقت حكمهم للهند لا تتجاوز 10 % من عدد السكان !
لا زال احفاد النصارى من عصور قبل الاسلام يعيشون في البلاد المفتوحة و لم يحل بهم ما حل بمسلمي اسبانيا و محاكم التفتيش ,لقد كان المسلمون الاوائل مقدامين طموحين لا يرضون من الدنيا و الاخرةالا معاليها ,وقد كان الناس في القديم يقضون الشهور في السفرة الواحدة متفاعلين مع الاهالي الذين يحلون عليهم ,وقد كان تلاميذ العلم و التجار في رحلة دائمة ,اما اليوم فان مفهوم الرحلات قد تبدل ,فقد قصر زمن السفر من اشهر و سنوات الى ساعات و لم يعد ذاك التفاعل بين الرحالة و اهل البلد
اسفار ابن بطوطة بالاخضر ,وماركوبولو بالاحمر
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen